
في مخيلتنا جميعًا قصة استمتعنا بها ونحن أطفال، هي قصة السلحفاة النشيطة (كيف ذلك؟!!) والأرنب المغرور، ومع بساطة القصة وغرابة أحداثها التي تنتهي بفوز السلحفاة (أبطأ حيوانٍ نعرفه) إلا أّنّها قصة ممتعة؛ يبدو لأنّنا نحب العجائب الغرائب، أو لأنّنا نحب التعاطف مع الضعفاء، والنهايات التي ينتصر فيها الطيب الضعيف على القوي “الشرير” أو من يتصف بصفات مذمومة… وأيَّا ما كان سبب تعلّقنا الطفولي والفطري بالقصة فإنّي أجد لها صدًى واقعيًا في حياتنا يجعلنا بوعيٍّ أو بدون وعيٍّ نتعلق بها … وكأنّ القصة مرآةٌ لشخصياتٍ حقيقية في حياتنا، بل لا أبالغ إن كانت تصويرًا لواقع شائع !!
لا تتعجب أنت من كلامي، وخذ كلامي محمل الهوينا، ودع الرِّهان على صدقه آخر مقالي، فمن يعرف قد أكون محقًا وتراني -الآن- أبالغ، أقول لك عزيزي السلحفاة – أقصد عزيزي القارئ اللذيذ المهاود- ما رأيك أن تُمثّل هذه القصة (ولمن لا يعلمها تنافسَ الأرنب المغرور يومًا مع السلحفاة في مضمار الركض، ولأنّه الأرنوب القوي -صاحب الفَط والنَّط- كان واثقًا من الفوز (والله منطقي!) فهو سريع أمام السلحفاة المسكينة الغلبانة التي يجوز التصدق عليها بمحرّك دفع كهربائي، ولكن أحداث القصة جعلت من السلحفاة الحبّوبة نشاطًا وحماسًا وتواصلًا في الركض، وجعلت من الأرنوب المغرور تكاسلًا أفضى به إلى النوم (نعم النوم في ساحة السباق، هكذا يريد المؤلف، هل لديك اعتراض؟! صهٍ، واسمع وأنت ساكت) المهم فازت عمّتُنا الغالية السلحفاة، وعضّ الأرنوب مخالب الندم! (هيييييه… وفرح المستمعون والمشاهدون للقصة) فما رأيك عزيزي القارئ (أنت) إنّ طُلب منك تمثيل القصة؟! مَن تختار؟ (بالحق قل من أول وهلة) ستختار أن تكون السلحفاة، بكل صفاتها البطيئة والنشيطة والتي تنتظر معجزة، وهي أن ينام -المِدَهْوِل على عينه الأرنب المغرور- كي تفوز، مبروك قد فزت في السباق! هذا ما تريد.
الآن دعني أتحدّثُ معك من مُنْطَلَق اختيارك –عزيزي السلحوف- هل أنت في الحقيقة سلحفاة (معذرة أقصد هل إمكانياتك سُلْحفيّة بمفهوم القصة) أم أنّ لك مواهبَ تضاهي مواهب أي كائن آخر لكنْ في مجال آخر؟! وإنْ كانت إجابتك نَعم، فلماذا تحشر نفسك في مضمارٍ لست بأهله؟! أظنّ أنَّ الحياة مليئة بالمجالات التي تنتظرك عزيزي السلحوف / عزيزتي السلحوفة، ولا داعيَ لانتظار المعجزة، هذا على فرضٍ أنّك سلحوف / سلحوفة، فمن يدري قد تكون أرنوبًا، ولكن عندها كن أرنوبًا يقظًا، لا تنمْ في وسط السباق، أظنّ أنّ السرير مريح أكثر، أليس كذلك! اعترف يا … “من أنت؟!!!”.