مقالات

لماذا كرم وزير الثقافة أحمد عدوية ؟

بقلم : د. سعيد المصري

لماذا يتم تكريم أحمد عدوية ؟ وهل حقق للثقافة المصرية شيئاً ؟
أسئلة تهكمية وازدرائية أطلقها مجموعة مثقفين وإعلاميين، وسوف أحاول الرد عليها بجدية ليس دفاعاً عن التكريم ولكن من منطلق تحليل اجتماعي وثقافي لظاهرة عدوية.

أحمد عدوية ظاهرة غنائية غيرت في نمط الأغنية الذي ظل سائدا في مصر منذ الخمسينيات وحتي بداية السبعينيات ، حيث فرض لوناً جديداً في الأداء الصوتي والكلمات والألحان مخالفاً للنمط الذي كان سائداً وارتبط بأسماء مثل عبدالوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفايزة احمد ووردة وشادية .الخ ، واختلف أيضاً عما كان سائداً من الأغاني الشعبية المنمقة والمسموح بها لعبدالمطلب وشفيق جلال ومحمد قنديل ومحمد رشدي ، كل هؤلاء كانوا مقبولين بمعايير الإذاعة والتليفزيون في ذلك الوقت ، وعندما تقدم عدوية للجنة الاستماع بالإذاعة للحصول على ترخيص بالغناء تم رفضه ، ومن هنا استغل عدوية تطوراً جديدا في السبعينيات وهو شرائط الكاست ليفجر قنبلة في أول مجموعة غنائية في شريط كاسيت حقق انتشاراً جماهيريا كبيرا خارج الاداعة ، ومن ثم فرض هذا اللون الجديد نفسه على الإذاعة والتايفزيون بعد ان تغيرت الاحوال في مصر وفقدت الإذاعة ومعها التليفزيون احتكارهما ، ومن قلب هذا التيار الجديد للأغنية خرجت أجيال أخري من المغنيين الشعبيين فرصت نفسها على كل وسائل الاعلام مثل حكيم وعبد الباسط حمودة وشعبان عبد الرحيم واخيراً اغاني المهرجانات ( وليدة عصر مواقع التواصل الاجتماعي ) كل هؤلاء أحفاد عدوية جاءوا ليعبرو عن ذوق جماهيري مختلف مرتبط أكثر بالناس ومجسدا لواقعهم وهمومهم بعيداً عن نمطية الكلمات والاداء الصوتي والألحان التي تدافع عنها نقابة المهن الموسيقية دون جدوي ، ومازال هذا اللون الغنائي يحقق جماهيرية كبيرة رغم أنف سلطة الرقابة الاعلامية والثقافية المركزية .

الآن يقوم وزير الثقافة الجديد أحمد هنو بتكريم إسم أحمد عدوية باعتباره رمزاً لابداع موسيقي وغنائي جديد ، وأحسب أنّ هذا التكريم اعتراف بالفنون الجماهيرية التي يطرب لها الناس حتى ولو كانت فاقدة للمعايير الموسيقية السائدة ، وفي هذا المعنى اتاحة لفرص اوسع في الموسيقى والغناء تصحح نفسها بنفسها ابداعيا مثل فنون أخرى قاومت سلطة أسلوب فني سائد وفرضت لونا جديدا من الفن مثلما حدث مع سيد درويش الذي طور الموسيقى العربية من داخل الأفراح في مواجهة التخت العربي القديم ،ومع بيرم التونسي في شعر العامية ومن بعده فؤاد حداد وجاهين والأبنودي في مواجهة شعر الفصحي ، ومع عبد المعطي حجازي وصلاح عبد الصبور بالشعر الحر في مواجه الشعر العمودي القديم، وكما حدث أيضاً مع عدوية نفسه حين غنى أغنية” زحمة يا دنيا زحمة ، زحمة وتاهو الحبايب ، زحمة وماعدش رحمة ، مولد وصاحبه غايب”، بكلمات جديدة وبلحن رائع للمبدع هاني شنودة وأصبحت علامة في تاريخ الغناء ورمزاً لعصر جماهيري جديد لايعترف بالنخبوية في الموسيقى والغناء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى