الاقتباس في البحث العلمي

بقلم: د. محمود السعيد
اليوم نسلط الضوء على معيار مهم في البحث العلمي ، وهو الاقتباس في البحث العلمي. والاقتباس يعني نقل بعض النصوص من مصادر علمية أخرى، مع الإشارة الواضحة إلى المصادر المستخدمة، ويمكن أن يتم بطريقتين وهما: (1) الاقتباس المباشر حيث يُنقل النص كما هو من المصدر الأصلي، ويُوضع بين علامتي تنصيص، مع ذكر المصدر بدقة وبطريقة علمية معروفة تسمى طريقة التوثيق، (2) الاقتباس غير المباشر حيث يعاد صياغة الأفكار من المصدر بأسلوب الباحث الخاص، مع الإشارة إلى المصدر باستخدام طريقة التوثيق المتبعة.
وللاقتباس دور هام في البحث العلمي، حيث يسهم في دعم النتائج الجديدة التي حصل عليها الباحث عن طريق مضاهاة نتائجه بنتائج مشابهة في الأبحاث السابقة، مما يعزز مصداقية البحث، أو من خلال النقد الموضوعي لنتائج الأبحاث السابقة لإظهار تفوق نتائج الباحث وأهميتها العلمية.
وتعد نسبة الاقتباس من المعايير الرئيسية لجودة البحث العلمي، ويمكن حساب نسبة الاقتباس باستخدام برامج مثل Turnitin وIthenticate وهي برامج تعتمد عليها العديد من الجامعات والمراكز البحثية. ومع ذلك، فإن هذه البرامج دقيقة للغاية في الأبحاث المكتوبة باللغة الإنجليزية، لكنها تعاني من بعض القصور في اللغة العربية. وقد حدد المجلس الأعلى للجامعات نسب اقتباس مسموح بها في الأبحاث والرسائل وهي لا تتجاوز 20% من مصدر واحد و40% من مجمل المصادر. في حين أن معظم المجلات العلمية العالمية تقبل نسب اقتباس أقل بكثير من النسب المعتمدة في المجلس الأعلى، وغالبًا تكون 10% كحد أقصى للاقتباس مع عدم نقل أكثر من 500 كلمة من مصدر واحد.
ويقع بعض الباحثين في خطأ الاقتباس غير المشروع والذي يعد مخالفة جسيمة للأمانة العلمية، مثل أن يقوم الباحث بالنقل المباشر من مصدر ما دون الإشارة إليه بطريقة التوثيق المتبعة. وقد يقوم بعض الباحثين بإعادة صياغة الأفكار والنصوص من مصادر أخرى دون توثيقها وهو يعد من قبيل عدم الأمانة العلمية. ويرتكب البعض جرائم السرقات العلمية حينما يقومون بتقديم أبحاث مقتبسة بالكامل من مصادر سابقة على أنها أبحاث جديدة ونتائج أصلية.
مخالفة قواعد الاقتباس يصنف على أنه سرقة علمية تستوجب العقاب والذي قد يأتي في صورة إلغاء قيد الباحث في برامج الدراسات العليا، ورفض نشر أبحاثه في المجلات العلمية، مما يؤدي إلى التأثير السلبي على سمعته الأكاديمية، وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى العقوبات القانونية وأحكام القضاء.
وختاما نؤكد على أن الاقتباس الصحيح هو أحد أسس الأمانة العلمية، والالتزام به يعكس احترام الباحث لجهود الباحثين الآخرين. ويعتبر الالتزام بنسب الاقتباس المسموح بها، واستخدام طرق التوثيق الصحيحة، بمثابة ضمانة لجودة البحث ومصداقيته.